سنستعرض مع حضراتكم هنا بعضاً مما يتعلق بسيرة عالم حفر إسمه على صخور من ذهب لامع نفيس براق ، عالم لطالما استحق على الأقل أن يخلد علمه و فكره و مواقفه ، سنبدأ مع حضراتكم بنبذه بسيطة عن بداياته و نشأته
هو على مصطفى مشرفة باشا ، ولد علي في مدينة دمياط في 11 يونيو عام 1898 و هو الابن البكر لأبيه مصطفى مشرفة أحد وجهاء تلك المدينة و أثريائها ، للأسف لم ينعم بطفولة طبيعية كغيره من الناس الطبيعيين ، فقد كانت حياته كلها جد في جد لا لعب فيها و لا لهو و لا مرح و ذلك يظهر لنا مما قاله فقد قال : " لقد كنت أفني و أنا طفل لكي أكون في المقدمة ، فخلت طفولتي من كل بهيج ، و لقد تعلمت في تلك السن أن اللعب مضيعة للوقت - كما كانت تقول والدته - ، تعلمت الوقار و السكون في سن اللهو و المرح ، حتى الجري كنت أعتبره خروجا عن الوقار " كما رأينا كيف تتطرف إلى هذا الحد الذي جعله ينفر من شئ طبيعي و مهم في نمو أي طفل و هو اللعب و المرح ، العجيب أن ذلك يعتبر شيئاً على الأقل أعطاه الدافع المتواصل للتفوق و الوصول للمراكز العليا ، لم تكن بداياته سعيدة فعندما كان في الحادية عشرة من عمره فقد والده عام 1909 بعد أن فقد ثروته في مضاربات القطن عام 1907 فوجد نفسه رب لعائلة معدمة مكونة من والدة و أخت و ثلاثة أشقاء ، و أجبرهم ذلك الوضع على الانتقال إلى القاهرة و السكن في إحدى الشقق المتواضعة في حي عابدين ، بينما إلتحق هو بمدرسة العباسية الثانوية بالاسكندرية و التي أمضى فيها سنة في القسم الداخلي المجاني انتقل بعدها إلى المدرسة السعيدية بالقاهرة و بالمجان أيضاًو ذلك لتفوقه الدراسي ، و قد حصل منها على القسم الأول من الشهادة الثانوية ( الكفاءة ) - زي أولى ثانوي عندنا كدة - عام 1912 و على القسم الثاني منها ( البكالوريا ) - اللي هيا الثانوية العامة - عام 1914 و كان ترتيبه الثاني على القطر كله - يعني زي الثاني في الترتيب ع الجمهورية دلوقتي بلغتنا ، بس مصر كانت ملكية مش جمهورية وقتها - و هنا نقدر نقول إن المركز التاني للشخص مش وحش يعني هههههه ، المهم المهم نكمل ، كان عنده 16 سنة وقتها و دة كان حدث فريد في عالم التربية و التعليم في الأيام دي ، هذا التفوق - ولاسيما في المواد العلمية - أهله للالتحاق بأي مدرسة عليا وقتها كالطب أو الهندسة ، لكنه فضل الالتحاق بمدرسة المعلمين العليا حيث تخرج منها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى ، فاختارته وزارة المعارف العمومية - زي وزارة التعليم العالي دلوقتي - إلى بعثة علمية إلى بريطانيا على نفقتها .
من هنا طاقة القدر انفتحت له زي ما بنقول كدة ، الراجل انتسب لجامعة توتنهام - مش فريق توتنهام اللي لعب له أحمد حسام ميدو - جامعة توتنهام الإنجليزية في خريف 1917 ، و حصل منها على شهادة البكالوريوس في الرياضيات خلال ثلاث سنوات بدلاً من أربع سنوات ( مش قولتلكوا الواد دة حريت ^_^ ) ، و في أيام ثورة 1919 أراد الرجوع لمصر و الانضمام للثوار ، و قد كتب إلى - سميله العزيز - محمود فهمي النقراشي - أحد زعماء الثورة - ( أوبا ، و كمان عارف الناس التقيلة دي ، لا لا لا ، دة الراجل دة كان واصل واصل ) ، كتب له و قال له إنه يريد الرجوع لمصر و الإنضمام للثوار ، فرد عليه النقراشي باشا قائلاً : " نحن نحتاج إليك عالماً أكثر ما نحتاج إليك ثائراً ، أكمل دراستك و يمكنك أن تخدم مصر في جامعات إنجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر " و قد لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يواصل مشرفة دراسته للعلوم في جامعة لندن ، فاستجيب لطلبهم و التحق عام 1920 بالكلية الملكية ( King's collage ) و حصل منها عام 1923 على الدكتوراة في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير تشارلز توماس ويلسون و الحاصل على نوبل في الفيزياء عام 1927 ، ثم حصل مشرفة على عام 1924 على دكتوراة العلوم من جامعة لندن و تعبر هذه الدكتوراة هي أعلى درجة علمية .
لن نتكلم عن المؤسسات التي أنشأها فمن الممكن أن نجدها من خلال البحث عبر الانترنت و التي كان من أبرزها " الجمعية الرياضية للعلوم الرياضية و الطبيعية " و " المجمع المصري للثقافة العلمية " و أغربها كان " الجمعية المصرية لهواة الموسيقى " - ( قال يعني الراجل كان حسيس قوي ههههههه ) ، فقد كان مشرفة يحب الفن و يهوى العزف على الكمان كما أن تلك الجمعية مهمتها هي تعريب المقطوعات العالمية - ( و لو اتفرجتوا حضراتكوا على مسلسل " رجل من هذا الزمان " في مشهد بيتكلم عن الموضوع دة ، و فيه هتلاقوا راجل جاي يغني مقطوعة معربة ، و صوته و الأغنية بتاعته هتلاقوها شبه أغاني سبيس تون ، ههههههههه ) .
لا يجب أن ننسى منجزاته في مجال البحث العلمي حيث تقدر أبحاثه المتميزة في نظريات الكم و النسبية و الذرة و الإشعاع بحوالي 24 بحثاً ، و قد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته حوالي 200 مسودة ، و قد دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك و زيمان ، كذلك كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ ، حيث كانت " هندسة الفراغ " المبنية على نظرية آينشتاين تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية ، و قد درس مشرفة العلاقة بين المادة و الإشعاع ، و أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس الشموسة
إلا أن نظريته في الإشعاع و السرعة اعتبرت من أهم نظرياته و سبباً في شهرته و عالميته ، حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها ، و يكم اعتبارهما صورتين لشئ واحد يتحول إحداهما إلى الآخر ، و لقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات .
كان مشرفة أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة ( يا نهار أبيض أوووووووووووووووووو ) و أحد العلماء الذين " حاربوا استخدامها في الحرب " ( هههههههههههههههههههههههه ، لا حلوة الجملة اللي فاتت دي
) و العجيب أنه كان أول من أضاف فكرة استخدام الهيدروجين لصناعة القنبلة الهيدروجينية ، و قد كان يرى أنه لابد لمصر من امتلاك السلاح النووي و ذلك كنوع من أسلحة الردع و حتى لايستخدم مثل هذا النوع من الأسلحة ضد مصر كما أن العدو قد يخاف من الرد المصري بنفس السلاح النووي عليه .
للدكتور مشرفة العديد من المؤلفات و التي كان يريد من خلالها تبسيط المواضيع العلمية للمواطن البسيط فقد آمن بأهمية العلم في تقدم الأمم ، و الوسيلة العجيبة التي اعتبرها هي السبيل لذلك هي بنشره بين جميع طوائف الشعب حتى و إن لم يتخصصوا به - ( الظاهر كدة إنه معدتش على دماغه خالص إنه يعمل فيلم حرب النجوم يمكن يحققله دة
و يقرب من الناس أفكاره عن العلم و علاقته بالتقدم هههههههههه ) - و لذلك انصب اهتمامه على وضع كتب تلخص و تشرح مبادئ تلك العلوم العويصة في تعقيدها للمواطن العادي البسيط " زي حالاتنا كدة
" حتى يتمكن من فهمها و التحاور فيها مثلها مثل أي من المواضيع الأخرى ، و كان يذكر ذلك باستمرار بلا كلل و لا ملل و لا شلل و لا علل ههههههه
، عشان متبقاش سيادتك و انت بتسمع المواضيع دي عامل كدة
، هذه الكتب كانت تشرح الألغاز العلمية المعقدة ببساطة و وضوح حتى يفهمها جميع الناس حتى من غير المتخصصين ، و سنستعرض معاً أهم كتبه و هي كالآتي :
(1) الميكانيكا العلمية و النظرية 1937 - ( يا مكنة يا موس حاسب ع الدبوس )
(2) الهندسة الوصفية 1937 ( طب يا ريت ، أهو خلينا نفهم الوصفية اللي مجننانا دي ، أكيد البشمهندز أبو حميض و هو من أعتى المهندزين المدنيين هيظبطنا في الموضوع دة
)
(3) مطالعات عامية 1943 ( في الافتكاسات النظرية )
(4) الهندسة المستوية و الفراغية 1944 ( لثانوية عامة علمي رياضة ^_^ )
(5) حساب المثلثات المستوية 1944 ( مثلث الحب و العشق و الغرام خلاني عايش ف الهيام و طيران الحمام و الناس نيام )
(6) الذرة و القنابل الذرية 1945 (
آسف ، فرقعت من غير قصد ، أومال لو كانت فرقعت بقصد كان شكلها هيبقى إيه ؟!! )
(7) العلم و الحياة 1946 ( طوق في بحر النجاة )
(
الهندسة و حساب المثلثات 1947 ( هندسني هندس
)
(9) نحن و العلم 1945 ( هنحب بعضينا امتى ؟!
)
(10) النظرية النسبية الخاصة 1943 ( كل حاجة نسبية لكن مش كل حاجة أساسية )
و في 15 يناير سنة 1950 فقدت مصر ذلك الصرح العلمي و الإنساني الكبير و لا نعلم لماذا توفي ، هل كما يقال أنه توفي إثر أزمة قلبية ، أم أنه قد تم اغتياله من قبل الموساد الإسرائيلي و أنه قد توفي مسموماً ، كما يشاع أيضاً أن أحد مندوبي الملك فاروق كان خلف وفاته .
نعاه آينشتاين قائلاً : " لا يمكنني أن أصدق أن مشرفة مات ، إنه لازال حياً من خلال أبحاثه ، إننا في حاجة ماسة لمواهبه و هذه خسارة كبيرة ، لقد كان عبقرياً ، و لقد اعتدت على متابعة أبحاثه في الطاقة الذرية ، و بالتأكيد إنه هو واحد من أفضل العلماء في الفيزياء " .
و زي ما قولنا ، و زي ما حطينا للموضوع دة عنوانه فسنأتي على ذكر ذلك بما قاله الكاتب الصحفي الراحل أنيس منصور في حق العالم الكبير الدكتور علي مصطفى مشرفة باشا - رحمة الله عليه و رضوانه - لنترك لحضراتكم الحكم في النهاية
و هذا مما قاله أنيس منصور - رحمه الله - عنه :
لم أر في حياتي عالما كبيرا فذا. ولا أعرف كيف يكون. رأيت أساتذة علماء، ولكن ليست لهم سمعة عالمية.. رأيت واستمعت إلى محاضرة للدكتور علي مصطفى مشرّفة عميد كلية العلوم. المحاضرة لم أفهم منها شيئا. إنها للمتخصصين. سألني: فهمت؟ قلت: ولا كلمة. وسألني: كيف احتملت هذه المحاضرة.. قلت: إعجابا بك.
وأصدر كتابا عن الطاقة الذرية وكيف تنبعث الطاقة، وحتى هذا الكلام لم يكن واضحا تماما. ولكن أعجبني من كلام د. مشرّفة دعوته إلى ضرورة أن نتوسع في الدراسات العلمية. إن عدد المحامين في بلدنا أضعاف عدد المجرمين.. يقول د. مشرّفة: وكما أننا لسنا في حاجة إلى مجرمين بهذا الحجم فلسنا في حاجة إلى محامين. ولا هذا العدد الكبير من الأدباء.. العلم ثم العلم ثم العلم!
هذا الكلام الذي يقوله في كل محاضرة. وكان يعاب على د. مشرّفة أنه مغرور.. وأنا أرى أنه معه حق.. فهو حصّل شيئا يعذبه ويتعسه. وكذلك قل عن زويل.. وإنه يريد قصرا يسكنه أو يجعله مكتبا إذا جاء إلى مصر. وأنه أرسل خطابا لرئيس الجمهورية يطالب بتعديل وزارة البحث العلمي وأنه يريد أن يشكل الوزارة على مزاجه وأنه وأنه...!!
و أنا أرى أنه معه الحق فإن ما أنجزه في مجال العلم شئ عظيم ، و من غير العلم لن نتقدم في أي مجال.
هنا ينتهي كلام الكاتب أنيس منصور - رحمه الله - بخصوص العالم الكبير الدكتور على مصطفى مشرفة
رحم الله ذلك العالم العظيم و أسكنه فسيح جناته ، و حفظ الله مصر ، حفظ الله الثورة ، حفظ الله الوطن
[/center][/size]